١ كانون الأول/ديسمبر؛ اليوم العالمي لمكافحة الإيدز بمبادرة من منظمة الصحة العالمية

اليوم العالمي للإيدز؛ الوعي، التعاطف، والعمل

|
۲۰۲۵/۱۲/۰۲
|
۱۲:۴۲:۰۱
| رمز الخبر: ۱۰۵۱
اليوم العالمي للإيدز؛ الوعي، التعاطف، والعمل
في الأول من كانون الأول/ديسمبر من كل عام، يجتمع العالم تحت شعار «إنهاء عدم المساواة… إنهاء الإيدز» ليؤكد أهمية الوعي والوقاية ودعم المصابين. ويُعدّ اليوم العالمي لمكافحة الإيدز (World AIDS Day) أول يوم عالمي للصحة في التاريخ، حيث انطلق منذ عام ١٩٨٨ وما زال يُحيى حتى اليوم بصورة متواصلة. هذا اليوم هو فرصة عالمية لتقييم الطريق الذي تم قطعه، ومراجعة السياسات الصحية، وتعزيز التعاون الدولي من أجل بناء عالم خالٍ من التمييز والوصمة وسوء الفهم تجاه المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية.

وكالة برنا للأنباء، لا يزال الإيدز أحد أكبر أزمات الصحة في القرن العشرين، وبقي في القرن الحادي والعشرين قضية حيّة على الرغم من التقدّم الكبير في العلاجات الطبية وارتفاع مستوى الوعي العام. ومع ذلك، ما زالت الوصمة الاجتماعية، والتمييز، وعدم المساواة في الوصول إلى الخدمات الصحية من أكبر العوائق أمام السيطرة على المرض. ويأتي اليوم العالمي لمكافحة الإيدز ليكون فرصة لحوار صريح حول ما تم إنجازه، وما لم يتحقق بعد، وما يجب تغييره.

إن هذا اليوم ليس مجرد تذكير بمرض معيّن، بل هو رمز للمسؤولية المشتركة بين البشر تجاه الصحة والكرامة والمعرفة. فهو يؤكد أن مكافحة الإيدز ليست قضية طبية فحسب، بل قضية اجتماعية، وثقافية، وإنسانية أيضًا.

 لمحة عن تاريخ اليوم العالمي لمكافحة الإيدز

طُرحت فكرة تخصيص يوم لرفع الوعي حول الإيدز لأول مرة عام ١٩٨٧ من قِبل منظمة الصحة العالمية (WHO) وبرنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز (UNAIDS). وكان الهدف حينها إنهاء الصمت المحيط بالمرض وتشجيع الإعلام والمجتمعات على الانخراط في حوار إنساني حول المصابين.

أما الشعار الأول لهذا اليوم فكان «معًا ضد الإيدز»، وهو شعار يحتفظ بروحه حتى الآن رغم تغيّر العبارات. ومع مرور السنوات، أصبحت قضايا مثل الوقاية، التعليم، العلاج، ومكافحة التمييز محاور أساسية لهذه المناسبة. وفي العقد الأول من الألفية الجديدة، جلب انتشار العلاجات المضادة للفيروسات القهقرية (ARV) أملاً جديدًا للمصابين.

لكن الأمم المتحدة أكدت مرارًا أن القضاء على الإيدز غير ممكن دون القضاء على الفقر وعدم المساواة والوصمة الاجتماعية. لذلك أصبح هذا اليوم رمزًا للعدالة الاجتماعية والصحة للجميع.

شعار عام ٢٠٢٤: «المجتمعات تقود… المجتمعات تُنهي الإيدز»

يحمل اليوم العالمي للإيدز هذا العام شعار«Let Communities Lead»أو «المجتمعات تقود»، وهو شعار يُبرز الدور المحوري للمجتمع المدني والمنظمات الشعبية والمتطوعين في مكافحة المرض.

وتشير تقارير UNAIDS إلى أن الدول التي اعتمدت على المشاركة المجتمعية حققت تقدّمًا أسرع في الحد من الإصابات الجديدة والوفيات. فالشعار يركّز على الانتقال من السياسات الفوقية إلى نماذج يُعدّ فيها الناس، لا الحكومات وحدها، قادة التغيير الحقيقي.

تؤكد الأمم المتحدة أن التقدّم لا يتحقق إلا حين يشارك المصابون، والشباب، والنساء، والفئات الأكثر عرضة للخطر في تصميم وتنفيذ برامج الصحة. ويُقام اليوم العالمي هذا العام احترامًا لهذه الأصوات التي تقول: «لا ينبغي أن يُترك أحد خلف الركب».

 الإيدز في العالم اليوم؛ الأرقام، التحديات، والتقدّم

تشير أحدث إحصاءات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من ٣٩ مليون شخص حول العالم يعيشون مع فيروس HIV. ورغم انخفاض الوفيات إلى النصف مقارنة بالعقد الماضي، لا يزال نحو ٦٣٠ ألف شخص يفقدون حياتهم سنويًا بسبب المرض.
وتتركّز أكثر من نصف الإصابات في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء، حيث تؤدي الفوارق الاقتصادية وضعف الوصول إلى الأدوية إلى تفاقم الوضع.

شهد المجال الطبي تقدّمًا هائلًا في الوقاية والعلاج؛ إذ جعلت العلاجات الحديثة حياة المصابين أقرب إلى الحياة الطبيعية. كما انتشر استخدام الوقاية الدوائية اليومية (PrEP) بشكل واسع في كثير من الدول.

ومع ذلك، يبقى الوصم الاجتماعي والصمت الثقافي أكبر حاجزين أمام الوقاية والعلاج. فالصحة، كما يشير الخبراء، لا تُبنى بالأدوية وحدها، بل بالثقة والوعي وتغيير النظرة الاجتماعية.

 الإيدز في إيران؛ الواقع والجهود

في إيران، كما في العديد من الدول، تعزّزت برامج الوقاية والتوعية في السنوات الأخيرة. وتعمل وزارة الصحة بالشراكة مع المنظمات غير الحكومية ومراكز الاستشارة السلوكية على توفير شبكة من الخدمات العلاجية والدعم النفسي والاجتماعي للمصابين.

وتركّز السياسات الصحية الحديثة على إزالة الوصمة الاجتماعية، من خلال حملات توعية في المدارس والجامعات والإعلام حول السلوكيات الآمنة والوعي بحقوق المصابين.

ورغم الجهود المبذولة، ما تزال تحديات مثل نقص الموارد، وضعف الوصول إلى الخدمات المتخصصة في مناطق معينة، والع taboos الاجتماعية، تُعيق حوارًا مفتوحًا حول الإيدز. ويأتي اليوم العالمي للإيدز كتذكير بضرورة تحويل الخوف إلى معرفة، والحكم المسبق إلى تعاطف، والعزل إلى دعم.

 من الوعي إلى التعاطف؛ الطريق نحو عالم بلا تمييز

الإيدز ليس مجرد مرض؛ إنه اختبار لقيمنا الإنسانية.
وفي عالم تنتشر فيه المعلومات بسرعة، لم يعد الجهل مبررًا. ومع ذلك، ما زالت الوصمة والتمييز يبعدان الكثير من المصابين عن حياتهم الاجتماعية الطبيعية.

يذكّرنا اليوم العالمي للإيدز بأن لا علاج بدون احترام، ولا تقدّم بدون عدالة. وشعار «إنهاء عدم المساواة… إنهاء الإيدز» اليوم أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
إننا بحاجة إلى التعاطف، وإلى شجاعة الإصغاء، وشجاعة التغيير.

فمكافحة الإيدز ليست مسؤولية الأطباء وحدهم، ولا الحكومات وحدها، بل هي مسؤولية مشتركة لخلق عالمٍ أكثر عدلًا وإنسانية ووعيًا.

رأيك