٥ كانون الأول/ديسمبر؛ اليوم العالمي للتطوّع بمبادرة من الأمم المتحدة

اليوم العالمي للتطوّع؛ حين يختار الإنسان أن يقف إلى جانب الإنسان

|
۲۰۲۵/۱۲/۰۶
|
۱۱:۴۸:۰۲
| رمز الخبر: ۱۰۷۹
اليوم العالمي للتطوّع؛ حين يختار الإنسان أن يقف إلى جانب الإنسان
يُحيي العالم في الخامس من كانون الأول/ديسمبر من كل عام اليوم العالمي للتطوّع (International Volunteer Day)، يومًا لتقدير ملايين البشر الذين يهبون وقتهم وجهدهم ومهاراتهم وقلوبهم لخدمة الآخرين. هذا اليوم يسلّط الضوء على الدور المحوري للمتطوّعين في تحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز التضامن الاجتماعي، والتخفيف من المعاناة الإنسانية في شتى بقاع العالم.

وكالة برنا للأنباء - في عالمٍ تدور فيه الكثير من المعادلات حول المصالح الفردية، لا يزال هناك أناس يختارون، دون انتظار مقابل، أن يمدّوا أيديهم لتحسين حياة الآخرين. التطوّع هو اختيار واعٍ للخدمة؛ اختيار لا ينبع من الإكراه، بل من عمق المسؤولية الإنسانية. ويأتي يوم التطوّع العالمي ليمنح هذا الخيار النبيل حقّه من الرؤية والتقدير؛ خيار يجعل العالم أكثر هدوءًا، وأكثر إنسانية، وأكثر أملًا.

يقف المتطوّعون في الصفوف الأولى لمواجهة كثير من الأزمات والاحتياجات الاجتماعية؛ من الإغاثة في الكوارث الطبيعية، إلى التعليم، والصحة، وحماية البيئة، ودعم الفئات الهشّة. إنهم أبطال العصر الصامتون؛ أناس يصنعون التغيير دون ضجيج الأسماء أو بريق الشهرة.

اليوم العالمي للتطوّع؛ من التأسيس إلى الرسالة العالمية

سُمّي اليوم العالمي للتطوّع رسميًا عام ١٩٨٥ بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة. وكان الهدف من هذه المبادرة إبراز الدور الحيوي الذي يلعبه المتطوّعون في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وتشجيع الأفراد على المشاركة الفاعلة في مواجهة مشكلات مجتمعاتهم.

تنظر الأمم المتحدة إلى هذا اليوم لا بوصفه مناسبة رمزية فحسب، بل كمنصة عالمية لتعزيز ثقافة المشاركة والمسؤولية الاجتماعية. فالتطوّع، وفق الرؤية الدولية، ركن أساسي من أركان تحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs)، إذ لا يمكن لأي برنامج تنموي أن ينجح دون مساهمة الناس أنفسهم.

وفي مختلف أنحاء العالم، تحيي الحكومات، والمنظمات الأهلية، والجامعات، والهيئات الدولية هذا اليوم ببرامج تسعى إلى إبراز قيمة العمل التطوعي وتوسيع دوائره.

التطوّع في عالم اليوم؛ قوّة للتغيير الحقيقي

يعمل اليوم ملايين المتطوّعين في مجالات متعدّدة: الإغاثة والطوارئ، الصحة، التعليم، حماية البيئة، دعم الأطفال وكبار السن، ومساندة اللاجئين والمرضى. وفي كثير من الكوارث العالمية، من الزلازل والفيضانات إلى جائحة كورونا، كان المتطوّعون أول من وصل إلى ساحات المساعدة.

ولا يقتصر دور المتطوّعين على التدخّل في حالات الطوارئ، بل يمتدّ إلى التعليم في المناطق المحرومة، وتمكين النساء، وحماية الطبيعة، ونشر ثقافة السلام، وتقليص الأضرار الاجتماعية. فالتطوّع هو مشاركة واعية في صنع عالمٍ أفضل، حتى دون مقابل مادي.

وقد أكّدت الأمم المتحدة مرارًا أن المتطوّعين يشكّلون رأس المال الاجتماعي الأهم في المجتمعات؛ رأسمالًا يغذّي الثقة، ويعزّز التماسك، ويبقي الأمل حيًّا.

التطوّع؛ مدرسة للمسؤولية والتعاطف وبناء الذات

ليس التطوّع خدمة للآخرين فحسب، بل هو بناءٌ للذات أيضًا. ففي طريق التطوّع يتعلّم الإنسان التعاطف، ويكتسب حسّ المسؤولية الاجتماعية، ويفهم المعنى الحقيقي للمشاركة. فالشخص الذي يساعد غيره بإرادته، لا يغيّر حياة إنسان آخر فقط، بل يغيّر نظرته إلى العالم أيضًا.

كثير من الشباب يبدؤون أولى تجاربهم الاجتماعية الجادّة من بوابة العمل التطوعي. وهذه التجربة تمنحهم مهارات التواصل، والعمل الجماعي، وإدارة الأزمات، وفهمًا أعمق لواقع المجتمع.

التطوّع جسرٌ بين الفرد والمجتمع؛ جسرٌ يقوم على الثقة، والمسؤولية، وحبّ الإنسان للإنسان.

التطوّع في إيران؛ طاقة كبيرة وأفق واعد

في إيران أيضًا، يمتلك العمل التطوعي تاريخًا عريقًا وقاعدة شعبية واسعة؛ من فرق الإغاثة في الكوارث الطبيعية، إلى المجموعات الجهادية، والمؤسسات الخيرية، والتجمّعات الطلابية، والمنظمات غير الحكومية. وفي كثير من الأزمات، كان حضور المتطوّعين الإيرانيين عاملًا حاسمًا في تخفيف معاناة الناس.

ومع ذلك، فإن تطوير العمل التطوعي يتطلّب دعمًا مؤسسيًا أكبر، وبرامج تدريب متخصّصة، وشفافية في الأداء، وتعزيزًا للثقة الاجتماعية. وإذا ما أُتيحت الأرضية المناسبة للمشاركة الشعبية، يستطيع المتطوّعون أن يكونوا الذراع الأقوى للدولة والمجتمع في مواجهة التحديات.

ويمثّل اليوم العالمي للتطوّع فرصة مهمّة لمراجعة سياسات دعم المبادرات الشعبية وتعزيز دور المنظمات التي تعمل برأسمال الثقة العامة.

المتطوّع؛ الاسم الآخر للإنسان المسؤول

اليوم العالمي للتطوّع هو يوم تكريم أولئك الذين اختاروا أن يكونوا فاعلين لا متفرّجين.
لقد أثبت المتطوّعون أن التغيير لا يبدأ دائمًا من القرارات الكبرى، بل قد يبدأ بخطوة صغيرة، أو يدٍ ممدودة، أو قلبٍ يحمل مسؤولية.

وفي عالمٍ يثقل عليه أحيانًا عبء اللامبالاة، يبرهن المتطوّعون أن الإيمان بالتعاطف لا يزال ممكنًا.
فالتطوّع هو نقطة التقاء الإنسان بالإنسان؛ حيث يتحوّل الأمل إلى فعل.

رأيك