وزير الخارجية الروسي: اجراءات أوروبا ضد إيران مخادعة وعار على الدبلوماسية

وأفادت وكالة برنا للأنباء، أن وزير الخارجية الروسي "سيرغي لافروف"، في حوار اجراه التلفزيون الايراني اجاب فيه على العديد من الاسئلة حول التطورات الدولية وقضايا تخص العلاقات مع ايران وقضايا غرب آسيا.
وفي هذا الحوار انتقد وزير الخارجية الروسي مرة أخرى قيام الدول الغربية بإحياء العقوبات الدولية على إيران واصفا هذا الامر بأنه "عار على الدبلوماسية".
* اجراءات الاتحاد الأوروبي احد التهديدات الرئيسية
وفيما يخص الاوضاع على الساحة الدولية وردا على سؤال حول ما اذا كان العالم يتجه نحو فوضى متزايدة أم نحو نظام جديد؟ قال لافروف انه يرى اجراءات الاتحاد الأوروبي كأحد التهديدات الرئيسية وربما أهم التهديدات.
واضاف "إنهم يحاولون إخضاع الحكومات لأنفسهم وإجبارها على تجاهل مصالح شعوبها، ودفعها لتجاهل نتائج الانتخابات والاستفتاءات التي تجرى في بعض الدول الأوروبية والخضوع لسلوك بروكسل الاستعماري وبيروقراطيتهم؛ بيروقراطية لم ينتخبها أحد".
وتابع لافروف انه ليست هذه هي المرة الأولى التي تكون فيها أوروبا مصدر كل المصائب والأحداث المؤسفة. أحداث مثل العبودية والحروب الصليبية حيث حاولوا بالقضاء على أي مقاومة بالسيف؛ والاستعمار، وبالطبع الحربين العالميتين اللتين بدأتا في أوروبا.
واضاف "الآن تحاول أوروبا مرة أخرى فرض رغباتها ومطالبها على الجميع؛ وهي ظروف تبدو مرتبطة بأزمة أوكرانيا. إنهم يستخدمون أزمة أوكرانيا لتعزيز أنفسهم" وتابع "الآن أوروبا، تحت العلم النازي، وبإرسال المساعدات المالية والمعلوماتية الغربية وكذلك الأسلحة الحديثة لأوكرانيا، تحارب بلدنا هذه المرة مع القوات الأوكرانية. إحياء هذه النزعة العسكرية، يتضح عندما يعلن المستشار الألماني أولاف شولتز: "لقد وضعنا هدفًا لنصبح مرة أخرى القوة العسكرية الأولى في أوروبا".
*استراتيجية الأمن القومي الأميركية
كما اشار لافروف في هذا الحوار الى استراتيجية الامن القومي الاميركية والتي صدرت حديثا قائلا "في استراتيجية الأمن القومي الأمريكية مكتوب: على أوروبا أن تهتم بشؤونها ولا تأمل في أن تدافع أمريكا باستمرار عن مغامراتهم، وهذا يعني أن لدى أمريكا قضايا أهم، بما في ذلك التركيز على أمريكا اللاتينية ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ. من الواضح أن الولايات المتحدة تريد تركيز سياستها في المقام الأول حول محور مواجهة الصين، التي أصبحت قوية الآن وتنمو اقتصاديًا وقوة مالية متزايدة كل عام، ولا تريد أمريكا بالطبع أن يبقى نفوذها السياسي والاقتصادي في المرتبة الثانية. نحن لسنا ضد المنافسة. كما تعلمون، يجب أن تكون المنافسة عادلة. عندما يحاول المنافسون ممارسة الضغط على الطرف الآخر بفرض تعريفات جمركية بنسبة 100٪ أو 500٪، فهذا ليس السلوك الذي دعتنا إليه الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية فيما يتعلق بالعولمة".
وتابع لافروف: للأسف كل هذه الأمور تطغى على الصراعات الأخرى، مثل الأزمة في الشرق الأوسط وقضية تشكيل دولة فلسطين. وهذا البعد الخارجي، مثل القضايا المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني.
*النووي الايراني
وفي جانب آخر من الحوار انتقد وزير الخارجية الروسي "الإجراءات العدائية وغير القانونية تمامًا للأوروبيين الذين حاولوا إلقاء اللوم على إيران في انهيار الاتفاق النووي، على الرغم من أن إيران لم تنتهك هذه الوثيقة أبدًا، حتى أعلنت الولايات المتحدة في عام 2018 أنها لم تعد ملتزمة بهذا القرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".
وتابع : الآن النظام العالمي بأكمله فيما يتعلق بإيران يوضع تحت اختبار شديد. لقد القت الولايات المتحدة الاتفاق النووي في سلة المهملات ، ثم تبع الغربيون، وخاصة الأوروبيون، أمريكا، وبدأوا في اتهام إيران بعدم تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة. على الرغم من ذلك، فقد أكدت أن الأمر واضح جدًا لدرجة أن الغرب اضطر إلى اختراع حيل ماكرة. أعتقد أن ذلك كان عارًا على الدبلوماسية الأوروبية أنهم قرروا بخداع إعادة العقوبات ضد ايران.
*العلاقات مع ايران
وبشأن العلاقات مع ايران اشار لافروف الى دخول اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين حيز التنفيذ، واضاف "تحدد هذه الاتفاقية مبادئ تضامننا ودعمنا المتبادل في القضايا الأساسية لتطوير العلاقات الدولية، وبالطبع تحدد الاتفاقية أيضًا الخطوات الإضافية الضرورية لتطوير التعاون الثنائي، وزيادة العلاقات الاقتصادية والاستثمار والتجارة ومشاريع البنية التحتية.
وتابع لافروف "إذا تحدثنا عن الاقتصاد، تفتح إمكانيات إضافية مع العلاقات بين إيران واتحاد أوراسيا الاقتصادي (EAEU)".
وانتقد لافروف المحاولات الغربية للتأثير على هذا المسار وقال " أصدقاؤنا الغربيون، يحاولون باستمرار التأثير على العمليات التي تجري هنا" وتابع "يحاول الغرب تفريق "الدول الخمس الساحلية لبحر قزوين" .
وأشار لافروف إلى أنّ "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال مراراً إنّ موسكو تثق بالقيادة الإيرانية وتدعم المسار الذي اختارته إيران"، لافتاً إلى أنّ اتفاقية التعاون الشامل بين إيران وروسيا "تتمتع بهيكلية فعّالة، وقد أُدرجت فيها خطوات تجارية واقتصادية".
كما أكّد أنّ بوتين ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان لديهما "عزم جاد" على تطوير العلاقات الشاملة بين بلديهما، مشدّداً على أنّ موسكو تدافع عن "الحقوق غير المشروطة لإيران في الحصول على الطاقة النووية السلمية.
*ممر شمال _ جنوب
ونوه لافروف خلال هذا الحوار الى موضوع ممر شمال- جنوب الدولي الاستراتيجي قائلا "بالطبع لممر النقل الدولي شمال-جنوب ثلاث طرق: غربي، وشرقي، وبحر قزوين. في جميعها لدينا تعاون وثيق للغاية مع أصدقائنا الإيرانيين، بما في ذلك بناء قسم السكك الحديدية رشت-آستارا بسرعة والذي يسمح بالنقل العابر (الترانزيت) دون انقطاع وبصورة متكاملة من بحر البلطيق إلى الخليج الفارسي.
واضاف "لذلك لدينا خطط ثنائية جدية للغاية، كما لدينا خطط تعاون في المجال الدولي: وهذا يشمل بريكس، ومنظمة شنغهاي للتعاون، واتحاد أوراسيا الاقتصادي. وكذلك الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي التي نتفاعل معها بشكل وثيق".
*التعاون العسكري والدفاعي مع ايران
وردا على سؤال بشأن التعاون العسكري والدفاعي بين ايران وروسيا قال لافروف "في اعتقادي، بالتأكيد أي تعاون يعزز القدرة الدفاعية للمشاركين في العمليات المعنية ويعزز جاهزيتهم القتالية، يساهم بشكل مهم وأساسي للغاية في تعزيز السلام. وأن لا يجرؤ أي معتد على تنفيذ خططه العدوانية. وبالطبع في هذا الصدد، كانت هناك العديد من المبادرات في الماضي، بما في ذلك إعلان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كمنطقة خالية من الأسلحة النووية. نعلم أن شركاءنا الغربيين لم يساعدوا كثيرًا في أن تسير هذه العملية بشكل إيجابي.
واضاف: هناك تنسيق جيد جدًا ومستقبل مشرق سيساعد بالتأكيد في تعزيز الأمن في المنطقة، أعني العلاقات بين ايران ومجلس التعاون. ونأمل نحن أيضًا بأي شكل من الأشكال أن يؤدي تطبيع العلاقات بين إيران وهذه الدول العربية، خاصة تطبيع العلاقات بين إيران والسعودية، إلى تمكين تطوير أشكال تعزيز الأمن. تدعم روسيا منذ حوالي عقدين مؤتمرًا مخصصًا لوضع مفهوم للأمن في منطقة الخليج الفارسي بمشاركة مباشرة من الدول الساحلية ومشاركة الدول المجاورة لكم ولشركائكم العرب".
*التمييز الغربي ضد ايران فيما يخص البرنامج النووي
وفيما يخص الموقف الروسي من قيام دول الترويكا الاوروبية باستعادة العقوبات ضد ايران قال لافروف: نحن ندعم بحزم الحقوق غير المشروطة لايران في الحصول على الطاقة النووية السلمية. إيران، كعضو حسن النية في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)، لديها جميع الحقوق المنصوص عليها فيها. عندما تم الاتفاق على خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) في مجلس الأمن، أو بالأحرى تم تأكيدها، كان ذلك إجماعًا، كان قرار مجلس الأمن.
وتابع " قبلت إيران التزامات في مجال الشفافية ووصول الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى منشآتها وبرامجها النووية التي تتجاوز مجموعة التزامات الدول الأعضاء في معاهدة عدم الانتشار. قبلت إيران التزامات إضافية مثل البروتوكول الإضافي. وقد سلطت الوكالة الضوء على ذلك آنذاك كمساهمة كبيرة للغاية في تعزيز الثقة من خلال زيادة الشفافية للدول الغربية التي كانت لديها شكوك. ومن وجهة نظرنا، تمت إزالة جميع الشكوك. لكن عندما انسحبت الولايات المتحدة بعد 3 سنوات من اعتماد خطة العمل الشاملة المشتركة من قبل مجلس الأمن وأعلنت أنها لن تفي بالتزاماتها، كان ذلك تطورًا مؤسفًا للغاية وحاولنا التعاون مع الأوروبيين لإقناع واشنطن بالعودة إلى تنفيذ التزاماتها لكن الأوروبيين فضلوا إلقاء اللوم على جمهورية إيران الإسلامية. وفعّلوا الآلية، ما يسمى بـ "snapback".
*اتفاقية القاهرة بين ايران والوكالة
وفي معرض اجابته على احد الاسئلة اشار لافروف الى العلاقات بين ايران والوكالة الدولية للطاقة الذرية قائلا "تحدثت مؤخرًا مع زميلي وزير الخارجية المصري وكان قلقًا جدًا من أن الاتفاقية التي تم توقيعها قبل بضعة أشهر بين إيران والوكالة في القاهرة، لم تعد إيران تعتبرها ملزمة. شرحت له أن ذلك حدث لأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية نشرت تقريرًا مباشرة بعد اتفاقية القاهرة، استخدمت ثلاث دول أوروبية (بريطانيا والمانيا وفرنسا) هذا التقرير بطريقة غير نزيهة وبمكر وتلاعب لتعزيز قرارهم غير القانوني وغير الشرعي بهدف إعادة فرض العقوبات. وأنا أفهم تمامًا أنه في ذلك الموقف، لا تستطيع إيران التصرف كما لو أن شيئًا لم يحدث والعودة إلى التفاوض مع الوكالة مرة أخرى، عندما يقول غروسي: "نحن نصر على الوصول إلى المنشآت التي تم قصفها."
واضاف "في حين أن قصف المنشآت الخاضعة لرقابة الوكالة هو انتهاك صارخ لجميع القوانين".
وتابع لافروف: "بالنسبة لي. هذا السؤال يجب توجيهه أكثر إلى السيد غروسي وزملائه لضمان مراعاة مبدأ الحياد بالكامل، حتى لا يتخذوا خطوات سياسية في بعض الأحيان ويساعدوا طرفًا أو آخر" واضاف "لكن هذا التعاون يجب أن يكون صادقًا وقائمًا على مبادئ ترضي جمهورية إيران الإسلامية ولا يتم انتهاكها".
*تهديدات الكيان الصهيوني واميركا ضد ايران
وقال لافروف ردا على سؤال عن الإجراءات التي ينبغي على إيران اتخاذها لردع تهديدات الكيان الصهيوني واميركا ضد ايران: أننا أدنّا الهجمات غير المبررة وغير المشروعة على المنشآت النووية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، تمامًا كما أدنّا الاغتيالات السياسية التي استهدفت سياسيين وعسكريين إيرانيين آنذاك. وقد ناقشنا هذه المسألة بتفصيل كبير مع زملائنا الإيرانيين. وسأعقد قريبًا اجتماعًا آخر مع زميلي، وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، وسنواصل هذا النقاش. الإيرانيون على دراية بنهجنا. إنهم يعلمون مدى استعدادنا للمساعدة في الخروج من هذه الأزمة، سواء فيما يتعلق بالوكالة الدولية للطاقة الذرية أو فيما يتعلق بالولايات المتحدة. هناك آليات في الدبلوماسية لا يُعلن عنها عادةً، ونحن نستخدمها أيضًا. أصدقاؤنا الإيرانيون على دراية بتقييماتنا، القرار بشأن استئناف المحادثات مع الولايات المتحدة ام لا. لقد سمعنا أن إيران مهتمة باستئناف هذه المحادثات، وفيما يخص الوكالة، نعلم أيضاً أن إيران مستعدة لإعادة فتح باب الحوار معها، لكن القرار يعود للسلطات في طهران. وسنكون على أتم الاستعداد لتقديم أي مساعدة أو اتخاذ أي إجراء يراه القادة الإيرانيون مناسباً للشعب.
*انتهى*