قصة المسيرة الفنية لأميد جهان؛ من «بابَتي» إلى «هَلِّه دان دان»
وأفادت وكالة برنا للأنباء، وُلد أميد جهان، واسمه الحقيقي أميد پولادي، في فبراير عام ١٩٨٢ (بهمن ١٣٦٠ هجري شمسي) في مدينة آبادان بمحافظة خوزستان جنوب إيران. نشأ في عائلة فنية، وكان والده "محمود جهان" من أعلام الغناء المحلي (البندري) في الجنوب، وقد أثّر هذا الجو العائلي على شغفه بالموسيقى منذ الطفولة.
بعد انتقال العائلة إلى بوشهر في أعقاب الحرب، بدأ أميد بتعلّم الموسيقى تدريجيًا وظهر شغفه بالألحان المحلية والطبول الإيقاعية الجنوبية. بدأ مسيرته الاحترافية في أوائل العقد الأول من الألفية الجديدة، وكانت أولى أعماله تُوزَّع بصورة غير رسمية، لكنها لاقت صدى واسعًا بفضل أسلوبه الخاص الذي مزج بين البوب العصري والموسيقى الفولكلورية الجنوبية. أعماله الأولى مثل «پسر جنوبي» و**«بابَتي»**، وسرعان ما تلتها الأغنية الشهيرة «هَلِّه دان دان»، جعلت منه اسمًا لامعًا في الوسط الموسيقي. موسيقاه التي اتسمت بالإيقاع والفرح، وارتكزت على اللهجة الجنوبية والضربات الإيقاعية الشعبية، جعلته محبوبًا في مختلف أنحاء إيران، خصوصًا في الحفلات والمناسبات.
واجه أميد جهان صعوبات كبيرة في الحصول على الترخيص الرسمي لمزاولة الفن داخل إيران، ما دفعه إلى الإقامة والعمل مؤقتًا في دول مثل أرمينيا وطاجيكستان. ومع ذلك، نجح في عام ٢٠١٥ (۱۳۹۴ هجري شمسي) بإصدار ألبومه الأول المرخّص بعنوان «وايسا تند نَرو»، وقدم أول حفل رسمي له في برج ميلاد بطهران وسط حفاوة جماهيرية. تميّز أسلوب أميد جهان بقدرته على الجمع بين جذوره الثقافية الجنوبية والتوزيع الموسيقي الحديث. استخدم لهجة الجنوب، وألحانًا مستلهمة من البحر والصحراء والهوية الشعبية، وقدمها بقالب عصري قريب من الأذن الشابة. وهذا ما جعله صوتًا فريدًا، يجمع بين التراث والمزاج الشعبي الحديث.
على مدى عقدين من الزمن، قدّم أميد جهان حفلات عدّة في مختلف المدن الإيرانية، وكان حضوره على المسرح مليئًا بالطاقة والحياة، ما جعله أحد أكثر المغنين شعبيّة في مجال الموسيقى الاحتفالية والفولكلورية في البلاد. لكن الموت اختطفه فجأة؛ مساء الجمعة ٢١ شهریور ١٤٠٤ (١٣ أيلول/سبتمبر ٢٠٢٥)، وبعد ساعات من أدائه في مهرجان تمور "بم"، أصيب بأزمة قلبية، ورغم الجهود الطبية والإنعاش، فارق الحياة صباح اليوم التالي في مستشفى باستور بـ "بم". وقد شُيِّع جثمانه يوم الثلاثاء ٢٥ شهریور في قسم الفنانين بمقبرة "بهشت زهراء" في طهران.
كان أميد جهان تجسيدًا لصوت الجنوب، يجمع بين البهجة والهوية، وينقل نبض الشارع الجنوبي إلى عموم إيران. ورغم رحيله المفاجئ، ستبقى أغانيه في الذاكرة، تُحيي الأفراح وتُرافق اللحظات السعيدة في حياة الناس. لقد جاء من الجنوب، لكنه غنّى لكل إيران.