بالتزامن مع اليوم العالمي للسياحة

٥ مهر (٢٧ سبتمبر)، اليوم الوطني للسياحة؛ نافذة إيران إلى العالم

|
۲۰۲۵/۰۹/۲۷
|
۱۴:۳۵:۱۰
| رمز الخبر: ۶۲۹
٥ مهر (٢٧ سبتمبر)، اليوم الوطني للسياحة؛ نافذة إيران إلى العالم
يُصادف الخامس من مهر (٢٧ سبتمبر) في التقويم الرسمي الإيراني «اليوم الوطني للسياحة». وهذه المناسبة فرصة لإعادة النظر في الإمكانات الواسعة لإيران في مجال السياحة، ولتسليط الضوء مجدّداً على أهمية هذه الصناعة في التنمية المستدامة للبلاد. وتزامنها مع اليوم العالمي للسياحة يربط إيران بالحوار العالمي في هذا المجال.

وأفادت وكالة برنا للأنباء، إيران، بتاريخها الممتدّ لآلاف السنين، وبطبيعتها المتنوّعة وثقافتها الحيّة، تُعَدّ واحدة من أغنى المقاصد السياحية في العالم. وقد جاء اعتماد ٥ مهر (٢٧ سبتمبر) كيوم وطني للسياحة للتأكيد على الطاقات الهائلة للبلاد في هذا القطاع، وتشجيعاً على تطوير البنية التحتية ونشر ثقافة السفر. إنّه يومٌ ليس فقط لتعريف إيران للعالم، بل أيضاً لتوعية الشعب بدور السياحة في الاقتصاد والثقافة والدبلوماسية العامة.

لقد كانت إيران منذ القدم على طريق الحرير، ومقصداً دائماً للقوافل والتجّار والرحّالة والعلماء. هذا الإرث التاريخي جعل منها بلداً معروفاً على خريطة السياحة العالمية. واليوم، رغم التحدّيات، فإنّ تسمية اليوم الوطني للسياحة تُعدّ تنبيهاً لإعادة التفكير في هذه الإمكانات وتذكيراً بأنّ السياحة ليست قطاعاً خدمياً فحسب، بل هي ركيزة من ركائز الهوية والاقتصاد الوطني. إنه يومٌ للتأكيد على أنّ على الدولة أن تعطي السياحة موقعاً مركزياً في سياساتها، وعلى المجتمع أن ينظر إليها كجسرٍ للتواصل والتنمية.

أهمية السياحة في التنمية المستدامة

أضحت صناعة السياحة اليوم أحد المحرّكات الرئيسة للتنمية المستدامة في العالم. فهي، إضافةً إلى خلق فرص العمل وتوليد الدخل، وسيلة للحفاظ على البيئة، ورفع مستوى التعليم، وتعزيز العلاقات بين الشعوب. وإيران، بما تملكه من أربعة فصولٍ في آنٍ واحد، ومعالم تاريخية مسجّلة في اليونسكو، وثقافة الضيافة الكريمة، تمتلك طاقات فريدة لتلعب دوراً بارزاً في هذا المجال. إنّ تنمية السياحة الداخلية والخارجية يمكن أن تخفّف من التحدّيات الاقتصادية للبلاد وتوسّع الروابط الثقافية مع العالم.

ووفقاً لتقارير منظمة السياحة العالمية (UNWTO)، تمثّل السياحة أكثر من ١٠٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وتوفّر ملايين الوظائف. وإيران، بفضل تنوّعها المناخي والثقافي، قادرة على الاستفادة من هذه الفرصة لتعزيز اقتصادها الوطني. فالسياحة لا تُدرّ دخلاً فقط، بل تُنشّط أيضاً الصناعات المكمّلة مثل النقل، والحِرف اليدوية، والزراعة، والفندقة. إنّ التنمية المستدامة في إيران لا يمكن أن تتحقق من دون نظرة جادّة إلى السياحة، لأنها القطاع الذي يربط بين البيئة والاقتصاد والثقافة.

إيران؛ أرض الجاذبيات التي لا تنتهي

من تخت جمشيد وميدان نقش جهان في أصفهان، إلى صحارى يزد الساحرة وغابات هيركاني في جيلان، تحتضن إيران مزيجاً لا نظير له من المعالم التاريخية والطبيعية. كما تضيف جزر الخليج الفارسي بمياهها الفيروزية، والقرى المدرّجة في غرب البلاد، والأسواق التقليدية بألوانها وروائحها، بعداً آخر لهذه اللوحة الغنية. إنّ هذا التنوع جعل من إيران مقصداً جذّاباً لمختلف أنواع السياح، سواء المهتمّين بالتاريخ أو الطبيعة أو الثقافة.

تضم إيران ٢٦ موقعاً مدرجاً على لائحة التراث العالمي لليونسكو، وكلّ واحد منها شاهد على عظمة تاريخها وثقافتها. فآثار مثل پاسارگاد، وقبة سلطانية، ومدينة «سوخته» الأثرية، تقف جنباً إلى جنب مع معالم طبيعية كغابات هيركاني وصحراء لوط، لتقدّم للعالم صورة متعدّدة الأبعاد. وإلى جانب ذلك، تشكّل الموسيقى المحلية، والطقوس التقليدية، والمأكولات المتنوّعة، والحِرف اليدوية جزءاً حيّاً من التراث الإيراني. إنّ إيران ليست وجهةً لمشاهدة المعالم فحسب؛ بل هي تجربة للعيش في قلب التاريخ والثقافة.

السياحة والدبلوماسية الثقافية

السياحة ليست صناعة اقتصادية فحسب، بل هي أداة فعّالة في الدبلوماسية العامة والثقافية. فكلّ سائح يزور إيران يتحوّل إلى سفير صغير يحمل معه صورة عن ثقافتها إلى بلاده. إنّ حرارة الاستقبال الشعبي، وتنوّع الأطعمة، والموسيقى والفنون والتقاليد الأصيلة، كلها تشكّل جزءاً من الانطباع الذي يعود به السياح. وتعزيز التبادلات السياحية يمكن أن يُظهر للعالم الوجه الحقيقي والإيجابي لإيران، وأن يُسهم في تحسين العلاقات الدولية.

وفي عالمٍ كثيراً ما تقدّم فيه وسائل الإعلام صورةً أحادية عن البلدان، يشكّل حضور السياح الأجانب في إيران فرصةً لرؤية الواقع عن قرب. فقد أعرب كثيرٌ من الرحّالة الذين زاروا إيران عن دهشتهم من أمنها وضيافة شعبها وعمق ثقافتها. وهذه التجارب تصنع جسوراً من الثقة والتفاهم بين الشعوب. كما أنّ السياحة الثقافية والدينية في إيران، من مشهد وقم إلى شيراز وأصفهان، قادرة على تعزيز الروابط الروحية والثقافية مع سائر الأمم.

التحديات والفرص

على الرغم من الإمكانات الهائلة، يواجه قطاع السياحة في إيران تحديات عدّة، منها نقص البنية التحتية وفق المعايير الدولية، والحاجة إلى حملات ترويجية أوسع على الساحة العالمية، إضافةً إلى القيود الناجمة عن العقوبات. ومع ذلك، هناك فرص واعدة كالسياحة العلاجية، والإيكوتورزم (السياحة البيئية)، والسياحة الريفية. كما يمكن للتكنولوجيا الحديثة والتسويق الرقمي أن يمهّدا الطريق لاستقطاب المزيد من السياح. إنّ السياسات الحكيمة والاستثمارات المدروسة هي المفتاح للاستفادة من هذه الفرص.

من أبرز التحديات قلة الرحلات الجوية الدولية المباشرة ونقص الفنادق بمعايير عالمية. كما أنّ ضعف الدعاية في وسائل الإعلام الأجنبية حال دون إظهار الصورة الحقيقية لإيران. غير أنّ البلاد قادرة على التميّز في مجالات مثل السياحة العلاجية ـ خصوصاً في علاج العقم والجراحات المتخصّصة ـ وكذلك في الإيكوتورزم في المناطق البكر. كما تفتح الابتكارات الجديدة مثل السياحة الافتراضية والمنصات الإلكترونية آفاقاً رحبة. إنّ التحديات، إذا ما أُديرت بعقلانية، يمكن أن تتحوّل إلى فرصٍ كبرى للنهوض بالسياحة في إيران.

كلمة أخيرة

إنّ اليومين الوطني والعالمي للسياحة يذكّراننا بأنّ إيران، بما تملكه من طاقات تاريخية وطبيعية وثقافية، مؤهَّلة لتصبح أحد الأقطاب الرئيسة للسياحة في المنطقة والعالم. فالسياحة ليست فقط وسيلة للانتعاش الاقتصادي، بل هي أيضاً طريق لتعزيز الهوية الثقافية ولتقديم الصورة الحقيقية لإيران إلى العالم. والمستقبل المشرق لهذا القطاع يتوقف على التعاون المشترك بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع لتحويل إيران إلى مقصد عالمي.

واليوم، فيما تقف إيران على أعتاب تحوّلات اقتصادية واجتماعية جديدة، يمكن للاستخدام الذكي لإمكانات السياحة أن يكون منصّة انطلاق نحو الحضور الفاعل دولياً. إنّ السياحة جسر يربط الماضي بالحاضر، والتقاليد بالحداثة، وإيران، بما تملكه من رصيد تاريخي وبشري، قادرة على أن تتألق في هذا الميدان. إنّ ٥ مهر (٢٧ سبتمبر) ليس مناسبةً عابرة في التقويم، بل هو رمز للأمل والحيوية والرؤية المستقبلية لبلدٍ طالما وقف عند ملتقى الحضارات.

رأيك