٧ مهر (٢٩ سبتمبر)، يوم رجال الإطفاء؛ رمز الإيثار والشجاعة والخدمة بلا مقابل
وأفادت وكالة برنا للأنباء، إنّ رجال الإطفاء من الفئات التي تقف دائماً في الصف الأول عند وقوع الحوادث. فهم من دون تردّد يقتحمون قلب الخطر لينقذوا أرواح مواطنيهم. من الحرائق الهائلة والانفجارات العنيفة إلى السيول والزلازل، يكون رجال الإطفاء أوّل مَن يتحرّك. وتسمية السابع من مهر بـ«يوم رجال الإطفاء» إنّما هي فرصة لتكريم هؤلاء الأبطال الصامتين ولزيادة وعي المجتمع بأهمية ثقافة السلامة.
فالإطفاء ليس مجرد مهنة، بل هو التزام إنساني يعني التضحية في سبيل الآخرين. في كل حادثة، بينما يسعى الجميع للنجاة، يتقدّم رجال الإطفاء نحو الخطر. وهذه القيمة السامية جعلت المجتمع ينظر إليهم بعين خاصة. إنّ يوم رجال الإطفاء يذكّرنا بأنّ أمننا وطمأنينتنا اليوم رهينة بجهودهم المتواصلة.
كما أنّ هذا اليوم مناسبة لاستذكار شهداء الإطفاء الذين قدّموا أرواحهم في سبيل خدمة الناس. فذكراهم تبقى مثالاً حياً على الإيثار، وتدعونا لتربية أجيال جديدة على نهج الشجاعة والمسؤولية.
الإيثار في ميدان الخطر
إنّ كون المرء رجل إطفاء لا يعني مجرد وظيفة، بل هو رسالة إنسانية. فمع كل مهمة، يضعون أرواحهم على أكفّهم لإنقاذ الآخرين. وقد أظهرت مأساة «بلاسكو» بوضوح كيف ضحّى رجال الإطفاء بحياتهم لإنقاذ الآخرين. هذه الروح المليئة بالإيثار حولتهم إلى رمز للشجاعة والإنسانية.
وهذه التضحيات لا تقتصر على الحوادث الكبرى التي تتناقلها وسائل الإعلام؛ بل في كل يوم، عشرات الحوادث الصغيرة والكبيرة يشهدها البلد، ويقتحم رجال الإطفاء قلبها بشجاعة. وكثير من هذه المهام قد لا تُذكر في الإعلام، لكن في لحظاتها تُنقَذ أرواح كثيرة. إنّ معنى الشجاعة عند رجل الإطفاء هو الوقوف في وجه النيران المشتعلة، والدخان الكثيف، والمباني المهدّدة بالانهيار. هؤلاء الأبطال هم التجسيد العملي لعبارة «الإيثار في ميدان الخطر».
ولهذا السبب، يرى الناس رجال الإطفاء ليس فقط كقوة إنقاذ، بل كأبطال حقيقيين في حياتهم اليومية. كل ابتسامة لطفل نُقِذ من وسط الخطر هي شهادة على مكانتهم العظيمة في قلوب المجتمع.
دور رجال الإطفاء في ترسيخ ثقافة السلامة
لا يقتصر دور رجال الإطفاء على مواجهة الحوادث؛ بل يشمل أيضاً التدريب على السلامة، وإجراء المناورات، ونشر ثقافة الوقاية، وهي جزء أساسي من مهامهم. فإذا كان المجتمع واعياً، يمكن تفادي الكثير من الحوادث. ودور رجال الإطفاء في تعليم المواطنين، خصوصاً الأطفال واليافعين، محوري في رفع مستوى السلامة العامة.
إنّ ثقافة السلامة رأس مال اجتماعي، ورجال الإطفاء يتحملون العبء الأكبر في تكوينها. فمن خلال حضورهم في المدارس والجامعات والأحياء، يدرّبون الناس على الأساليب الصحيحة لمواجهة الحرائق والكوارث. وإنّ إشاعة روح المسؤولية بين المواطنين للالتزام بقواعد السلامة يمكن أن يخفّف كثيراً من أعباء مؤسسات الإطفاء. ومن هنا، فإنّ دورهم التربوي لا يقلّ عن دورهم العملي أثناء الكوارث ويستحق اهتماماً أوسع.
واليوم، تُعرّف كثير من مدن العالم رجال الإطفاء كمدرّبين دائمين للسلامة الحضرية. ويمكن لإيران أيضاً أن تعزّز هذا الدور التعليمي لترفع مستوى الوعي العام وتُرسّخ مكانة رجال الإطفاء أكثر في المجتمع.
الاحتياجات والتحديات
على الرغم من المكانة الخطيرة لرجال الإطفاء، فإنّ كثيراً من مراكز الإطفاء ما تزال تعاني من نقص في المعدات والإمكانات القياسية. كما أنّ الضغوط النفسية والجسدية لهذه المهنة تفرض توفير دعم أكبر لهم على المستويات النفسية والمعيشية والرفاهية. فالاهتمام بالبنية التحتية وظروف عمل رجال الإطفاء هو في الحقيقة اهتمام بسلامة المجتمع كله.
وفي حين أنّ رجال الإطفاء في كثير من الدول يتمتعون بأحدث التجهيزات، ما زالت بعض المحطات في إيران تعمل بمركبات قديمة وتجهيزات محدودة، وهو ما قد يعرّض حياة الناس ورجال الإطفاء أنفسهم للخطر. إلى جانب ذلك، فإنّ الضغط النفسي الناتج عن التواجد الدائم في المشاهد المؤلمة يتطلّب برامج دعم نفسي متخصصة. يجب أن يكون يوم رجال الإطفاء فرصة لطرح هذه المطالب ووضع خطط لمعالجة هذه التحديات.
وعلاوة على ذلك، فإنّ تعزيز المكانة الاجتماعية لرجال الإطفاء لا يقل أهمية عن توفير الإمكانات. فكلما ازداد احترام المجتمع لهم وثقته بهم، ازدادت عزيمتهم وقدرتهم على أداء رسالتهم.
كلمة أخيرة
إنّ يوم رجال الإطفاء مناسبة لتقدير رجال ونساء يضحّون بأنفسهم من أجل أمن الآخرين بلا مقابل. إنهم أبطال قد لا يُذكَر اسمهم كثيراً، لكن أثرهم يبقى راسخاً في كل حادثة. وتكريم مكانة رجل الإطفاء هو في جوهره تكريم للإيثار والشجاعة والإنسانية.
علينا أن نتعلّم كيف نجعل ثقافة تقدير رجال الإطفاء جزءاً من حياتنا اليومية. فهم لا يحملون الأهمية في وقت الكوارث فحسب، بل لهم مكانة خاصة في قلوب الناس. يجب أن يكون يوم رجال الإطفاء فرصة للمجتمع والمسؤولين معاً لإعادة النظر في دورهم وصياغة خطط لدعمهم أكثر وتعزيز موقعهم. إنّ رجال الإطفاء يستحقون الأفضل دائماً، لأنهم يضعون أعز ما يملكون ـ أي حياتهم ـ في سبيل خدمة مجتمعهم.
ويذكّرنا يوم ٧ مهر(٢٩ سبتمبر) أيضاً بأنّ كل مواطن يستطيع، عبر الالتزام بقواعد السلامة والشعور بالمسؤولية، أن يكون عوناً لرجال الإطفاء. فالمجتمع الآمن هو ثمرة التعاون بين الناس وهؤلاء الأبطال الصامتين.