أزمة السويداء، سوريا ليست هدفاً، بل أداة

|
۲۰۲۵/۰۷/۲۰
|
۱۵:۵۲:۵۰
| رمز الخبر: ۸۱
ينطلق بعض المحلليين والخبراء في تناولهم للأزمة التي شهدتها محافظة السويداء وعدوان الاحتلال الإسرائيلي على سوريا بذريعة ذلك من الرصاصة الأولى التي أُطلقت سواء عن عمدا أو بغير عمد على هذه المدينة الواقعة جنوب سوريا في الأيام الأخيرة. إلا أنه لا بد من الإقرار بأن نوعية الهجمات التي شنها الكيان الإسرائيلي على سوريا بذريعة الرد على الهجوم على دروز السويداء وتعثر وقف إطلاق النار المتكرر في هذه المنطقة، أظهرت أن الكيان الإسرائيلي أو المشروع الذي يتواجد من أجله يتجاوز السويداء والدروز بل وحتى سوريا، وأن هذه الهجمات جزء من مشروع النظام الإقليمي الجديد الذي يطمح له الاحتلال الصهيوني.

أزمة السويداء، سوريا ليست هدفاً، بل أداة

وكالة برنا للأنباء، عماد حسيني: وفقا لبعض الخبراء سينشأ هذا المشروع من خلال التدمير الكامل لأحد أجزائه، وهو قطاع غزة سيستمر مع تغيرات جغرافية في لبنان، وتفكك سوريا واختلال النظام الاجتماعي في العراق بل وحتى التأثير على الأمن القومي لتركيا ودول أخرى في المنطقة وسيؤثر تدريجيا على المنطقة بأسرها. ووفقا لمحلل عربي، أصبحت سوريا نواة لخلق واقع جديد قد يمتد عبر جغرافية هذا البلد ويؤثر على المنطقة بأكملها، بل ويؤدي إلى تشكيل حدود جغرافية جديدة في الشرق الأوسط الجديد.

 

إن نظرة عامة وسطحية للأزمة السورية الدائرة، بعيدا عن الهجمات الإسرائيلية الوحشية وغزوها للبلاد تكشف عن صراع محتدم بين الدروز وبعض الجماعات الموالية للجولاني بالإضافة إلى عدد من أبناء العشائر. ولكن لا بد من التطرق أيضا إلى الأزمة في الساحل السوري والصراع بين جماعة الجولاني والعلويين وأزمة الهجوم على الكنيسة الأرثوذكسية في دمشق والذي استهدف المسيحيين السوريين عموما، والصراع المسلح الذي نشب مع الدروز قبل فترة وفي الوقت نفسه لا بد من الأخذ بعين الاعتبار قضية الأكراد ومطالبهم الانفصالية في سوريا.

 

هذا يعني أن أربع مجموعات على الأقل من هياكل المجتمع السوري متورطة بشكل جدي ومتصارعة مع هيكلية الجولاني الذي وصل إلى السلطة في سوريا بعد الإطاحة ببشار الأسد. وفي هذه الأثناء نحن متفائلون تماما في حال تجاهلنا في هذه المعادلة الاختلافات والشروخات في العلاقات بين التيارات السنية المختلفة وخاصة بين التيارات السنية والبنية السلفية الحاكمة في سوريا.

 

أقرّ محلل عربي في مقال رأيي بأن العملية التي تُنفَّذ حاليا عبر التضحية بالدروز تجاوزت آثارها حدود سوريا وستؤثر بالتأكيد ليس فقط على الدول المجاورة لهذا البلد بل أيضا على دوائر أبعد ودعما لآراء هذا المحلل لا بد من الاعتراف بأن لكلٍّ من هذه البنى العرقية والدينية جذورها في بلدان أخرى من لبنان وصولا إلى العراق والأردن، ومن فلسطين المحتلة إلى تركيا.

 

وهذا يعني أن أي تغيير في المصير الاجتماعي والسياسي لأي من المجموعات المذكورة أعلاه يمكن أن تكون له تأثيراته وردود أفعاله وعواقبه الخاصة بين امتداداته في البلدان الأخرى ويمكن أن يؤثر أيضا على السلامة الإقليمية للبلدان الأخرى.

 

تجدر الإشارة إلى أن دول المنطقة قد تأثرت طوعا أو كرها، بخطة شريرة يقودها الكيان الإسرائيلي فإذا كان تنظيم داعش الإرهابي قد قُدِّم رمزا لتقسيم وتفكك الشرق الأوسط قبل بضع سنوات فإن هذا التنظيم الآن في قبضة الكيان الإسرائيلي بالكامل وفي أي لحظة ثمة احتمال لتفجير قنبلة حرب تقسيم إقليمي باستخدام قواتها وحركات تسللها في المنطقة.

 

لا أحد يستطيع أن ينكر حقيقة أن مجموعات من الأكراد وطائفة من الطوائف المسيحية، وتيارات من الجماعات الدينية الدرزية والعلوية، فضلا عن بعض الأحزاب السياسية الناشطة في المنطقة تعمل اليوم بشكل وثيق مع الكيان الإسرائيلي وتنفذ خططه في المنطقة بما يتوافق مع أهدافه أو بطريقة ما اكثر حياءا تلبية لأوامر واشنطن.

 

وصل هذا الخطر إلى حد من الجدية حيث دفع بعض المحللين والخبراء العرب البارزين إلى التحذير من خطر تقسيم المنطقة بأسرها من باكستان إلى المغرب. واليوم يضع الكيان الإسرائيلي بكل صراحة ووضوح خطة تقسيم المنطقة على الطاولة، وتنفيذها انطلاقا من الحلقة الأضعف وذات التأثير الأكبرأي أن سوريا وفي حال انهارت هذه الحلقة فمن السهل وبسرعة انهيار باقي الحلقات لأن الكيان الإسرائيلي يعتقد أن تحقيق ذلك سيكون أقل تكلفة عليها من توقيع اتفاقيات إبراهيم مع دول المنطقة.

*انتهى*

رأيك